سم الله و الحمد لله و لا اله إلا الله. الحمد لله حتى يرضى, و الحمد لله إذا رضي و الحمد لله بعد الرضى, و الصلاة و السلام على أكرم المرسلين, و رحمة الله للعالمين, سيدنا محمد ابن عبد الله , سيد ولد آدم و لا فخر, و خير من وطئت قدمه هذه الأرض و على آله و أصحابه و أزواجه و من تبعهم بإحسان الى يوم الدين.
تداولت الأوساط الإعلامية مؤخرا, خبرا مفاده أن إحدى المجلات الدانمركية المغمورة قد نشرت رسوماً إنتقادية لرسول الله صلى الله عليه و سلم و الغرض منها هو التهكم و السخرية من شخص هذا النبي الكريم صلى الله عليه و سلم إذ صورته هذه الرسومات بأنه رجل أشعث أغبر يأتزر بحزام من المتفجرات الناسفة و من خلفه إمرأتان منتقبتان, و هم إذ يتعمدون بذلك التهكم على شخص نبينا الكريم صلوات ربي عليه و التهكم على ديننا الحنيف متهمين هذا الدين الذي ارتضاه الله للبشر أجمعين بأنه دين إرهاب و ظلم للنساء في المعاملة لكونها تأتي خلف الرجل و للسخرية من النقاب الذي هو لباس المسلمات الذي صانهن و حفظهن من الأذى.
لعل من ينظر إلى هذا الحدث بتجرد, قد ينطلي عليه ما أصدرته الحكومة الدانمركية من إعلانات مفادها أن سبب نشر مثل هذه الرسومات, انما هو محاولة من الجريدة لزيادة نسبة مبيعاتها. و هذه التصريحات الصادرة عن الحكومة الدانمركية إنما هي محاولة بتراء لتجريد هذا التهكم من أي بعد عنصري أو ديني في محاولة لحصر اسباب النشر ضمن الدوافع الأقتصادية البحتة وة حرية التعبير الذي يضمنه قانون ذلك البلد. فنسأل هنا, أحرية التعبير في نظركم تسمح لكم بانتهاك حرمات الأخرين؟ أحرية التعبير تعطيكم الحق أن تتعدوا على مشاعر الأديان الأخرى؟؟ ألا تعلمون أن حرية الأصبع تتوقف عند عين الأخرين؟؟
نحن نرى أن لهذا التهجم سبب أخر عدا تلك الأسباب الواهية التي سمعناها من الحكومة الدانمركية. السبب في نظرنا كما هو واضح للعيان إنما هو إستغضاب المسلمين و استفزازهم, و التصغير من شأنهم من خلال التصغير من شأن شخصية يحترمها و يكرمها و يتبعها كل مسلم على هذه الأرض ألا و هي شخصية رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم. أليس للمسلمين في نظركم أي حقوق انسانية يجب عليكم احترامها؟؟
قبل أن نحلل تبعيات هذا الحدث الجلل, و قبل أن نستعرض ردود الأفعال المتباينة عليه, لا بد لنا ان ننظر في مسببات هكذا حدث و هطذا تهجم. ما الذي خطر لهؤلاء الجهلة و ما الذي دفعهم ليتناولوا رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم بهذه الطريقة المهينة؟؟ و من أين جاءوا بهذا التجرؤ الوقح على شخصية رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم بالرغم من معرفتهم المسبقة بأن كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم و طوائفهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه و سلم بأنه رسول من عند الله فاتبعوه؟ أما نحن المسلمون, الذين يسر الله لنا أن نطلع على معتقدات هولاء المنصرين و كتبهم المقدسة, نرى أن هذا التجرؤ السافر ليس بجدبد عليهم, لما ورد في كتابهم المقدس من إهانات و تجرؤ على الأنبياء السابقين الذين نبجلهم و نحترمهم بدورنا لكوننا مسلمين نؤمن بكل الرسل. لهذا, فإن هؤلاء المرتزقة المأجورون لا يرون أي مانع أخلاقي من أن يتهكموا و يتطاولوا على أي نبي أرسله الله عز و علا إلى هذه البشرية , لا بل إن تطاولهم تعدى شخوص الأنبياء و الرسل و وصل الى درجة التعدي على الله و بلغت وقاحتهم أن ينسبوا الى الله صفات مهينة لجلاله. هؤلاء الجهلة الذين تجردوا من أي احترام لله عز و جل , فقد اتهموه بأنه رب يأمر احد انبيائه بالزنى كما جاء في كتابهم المقدس في سفر هوشع في الأصحاح الأول العدد الثاني : 1: 2(( اول ما كلم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امراة زنى و اولاد زنى لان الارض قد زنت زنى تاركة الرب )) . فهل يرضى أي عاقل بأن ينسب هذا الكلام الى خالق الأكوان و بارئها؟؟
أيقول عاقل مؤمن أن الله العليم عز و جل جاهل؟؟ هذا ما قالوه عن الله كما جاء على لسان رسولهم بولس, هذا الرسول الذي لا يعرف أحد منهم نسبه حتى يومنا هذا, فقد قال رسولهم هذا في رسالته الأولى الى أهل كورنثيوس في الأصحاح الأول العدد الخامس و العشرين , كورنثوس 1:25(( لأن جهالة الله احكم من الناس . وضعف الله اقوى من الناس )) .
نعم, هذا هو الكلام الذي يقدسه هؤلاء الكفرة الذين تجرؤوا على أكرم خلق الله صلى الله عليه و سلم. إلى أي مدى وصل كفرهم و إلى أي حد وصلت وقاحتهم؟؟ لا بل لم يتوقف هؤلاء المنصرون الكذبة عند هذا الحد, بل إنهم أهانوا الله عز شأنه بقولهم أن الله قد تصارع مع النبي يعقوب عليه السلام فغلبه يعقوب و أبى أن يطلقه حتى يغفر له!!!! هذا العبد الضعيف, يغلب الله كما يؤمنون و يعتقدون و كما جاء في التكوين ( الإصحاح 32-23 ) (( فبقى يعقوب وحده , وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر . ولما رأى أنه لا يقدر عليه - أي لايقدر على يعقوب - ضرب حُق فخذه - أي فخذ يعقوب - فأنخلع حُق فخذ يعقوب في مصارعته معه . وقال الرب : أطلقني , لأنه قد طلع الفجر , فقال يعقوب : لا أطلقك إن لم تباركني , فقال له -الرب - : ما اسمك ؟ فقال : يعقوب . فقال - الرب - : لايدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت - أي صارعت - مع الله والناس فقدرت .. وقال يعقوب : أخبرني باسمك ؟ فقال الرب : لماذا تسأل عن أسمي ؟ وباركه هناك . فدعا يعقوب اسم المكان فينئيل قائلا : لأني نظرب الله وجها لوجه ونجيت نفسي )) . الرب عندهم أيضا ليس بقوي. أهانوه عندما قالوا عنه في سفر الخروج في الأصحاح الحادي و الثلاثين في العدد السابع عشر أن الله تعب و استراح. الخروج 31 :17 ((هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّس)), بينما نؤمن نحن المسلمون أن الله قد خلق السموات و ألأرض و ما مسه من لغوب و هو أقل أنواع التعب كما نقرأ في سورة ق في قوله تعالى : ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ )) . أهكذا هو الله في نظركم أيها المنصرون؟؟
إذا كان هؤلاء الكفرة قد سبوا الله و نسبوا إليه هذه الصفات المهينة التي لم نذكر لكم إلا القليل منها و ما خفي كان أعظم, فهل تردعهم أية أخلاق أو أي احترام من أن يتطاولوا على أنبياء الله و هم بشر؟؟ هل تدرون أيها الأعزاء العقلاء ماذا يقول كتاب النصارى و اليهود عن سيدنا نوح عليه السلام؟؟ أتعلمون أن نوحاً كان سكيراً و لعاناً في نظرهم؟؟ نعم. هذا ما نقرأه في سفر التكوين في الأصحاح التاسع و العدد الرابع و العشرين, تكوين ((9 : 24 فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير25 فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخوته)). أهكذا يكون رجال الله الذين اختارهم لهداية البشرية و حمل كلامه الى الناس؟؟ هل تصدقون أن نبي الله لوط عليه السلام قد تم اغتصابه حسب زعمهم و كذبهم؟؟ نعم, لقد تم اغتصاب هذا النبي, و ممن؟؟ من ابنتيه التين سقتا ابيهما خمرا فسكر و زنتا معه كما جاء في سفر التكون في الأصحاح التاسع عشر, تكوين 19 : ((30 و صعد لوط من صوغر و سكن في الجبل و ابنتاه معه لانه خاف ان يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو و ابنتاه 31 و قالت البكر للصغيرة ابونا قد شاخ و ليس في الارض رجل ليدخل علينا كعادة كل الارض 32 هلم نسقي ابانا خمرا و نضطجع معه فنحيي من ابينا نسلا 33 فسقتا اباهما خمرا في تلك الليلة و دخلت البكر و اضطجعت مع ابيها و لم يعلم باضطجاعها و لا بقيامها 34 و حدث في الغد ان البكر قالت للصغيرة اني قد اضطجعت البارحة مع ابي نسقيه خمرا الليلة ايضا فادخلي اضطجعي معه فنحيي من ابينا نسلا 35 فسقتا اباهما خمرا في تلك الليلة ايضا و قامت الصغيرة و اضطجعت معه و لم يعلم باضطجاعها و لا بقيامها 36 فحبلت ابنتا لوط من ابيهما )). أبعد هذا الكفر كفر أيها المنصرون؟؟
إن كل هذه التهم التي يطلقها هؤلاء المنصرون على أنبيائهم أنما تنبعث من خلفية استغفر الله العظيمية شهوانية تدل على توجه هؤلاء الكفرة السفهاء. فمثلا إذا اراد الرب أن يعطي آية للناس فإنه يأمر نبيه أشعياء أن يمشي عاريا كاشفا لعورته لمدة ثلاثة سنوات كما نقرأ في سفر أشعياء الذي هو من الكتب المقدسة عندهم بل و يتفاخرون ان هذا هو كلام الله. فهل لله أن يأمر نبيا اصطفاه بأن يتعرى أمام الناس؟ سفر أشعياء 20 : (( 2 في ذلك الوقت تكلم الرب عن يد اشعياء بن اموص قائلا اذهب و حل المسح عن حقويك و اخلع حذاءك عن رجليك ففعل هكذا و مشى معرى و حافيا 3 فقال الرب كما مشى عبدي اشعياء معرى و حافيا ثلاث سنين اية و اعجوبة على مصر و على كوش 4 هكذا يسوق ملك اشور سبي مصر و جلاء كوش الفتيان و الشيوخ عراة و حفاة و مكشوفي الاستاه خزيا لمصر)). أهذا هو الله و هؤلاء هم الأنبياء عندهم؟؟ إذا فإنه ليس بغريب عليهم أن يتطاولوا على شخص رسولنا الكريم صلوات ربي عليه و على إخوانه من الأنبياء. أذكر في هذا المقام المثل المصري الشعبي الذي يقول: إذا جاء العيب من أهل العيب فلا يكون ذلك عيبا. هذا بالأضافة الى كذب هؤلاء المنصرين و اتخاذهم شتى الوسائل و المغريات لجذب الناس الى دينهم و معتقدهم, تارة بادعاء المحبة و المودة, و تارة ببذل المال بسخاء على ضحاياهم و لم يتورعوا عن اغراء من يعاديهم إما بالمال و إما بالنساء و ما خفي كان أعظم, و ذلك لأنهم يريدون أن يطفئوا نور الله فيرد الله عليهم بقوله: ((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) ( التوبة 32 ).
أما المشكلة في هذا الموضوع فليس السؤال لماذا تهجم هؤلاء الكفرة على رسولنا الكريم خاصة بعد أن اطلعنا على بعض ما ينسبونه لأنبيائهم, إنما السؤال الذي يطرح نفسه, يا من تدعون حبا لله و رسوله, ماذا ستفعلون و قد أهين رسولكم صلى الله عليه و سلم, و أهين الأنبياء جميعا, بل إن تطاولهم قد نال من الله جل و علا؟؟ أنقف مكتوفي الأيدي مرددين الشعارات و خطب الأستنكار أم نتحرك لنصرة ديننا و لنصرة رسولنا و كل الرسل الذين سبقوه صلوات ربي عليهم أجمعين؟؟ لا بد لنا من أخذ موقف و لا بد من أن نتحرك, و كما يقول الشاعر:
لا ينفع إن نحن بقينا *** ننتظر النصر ليأتينا
إن قمنا ننصر بارينا *** فسينصرنا اللــــــــه
هذا هو الذي دعاني أن أكتب هذا الكلام, لأفضح معتقد هؤلاء الكفرة و لأبين للناس كيف ينظر هؤلاء الى الرسل و الأنبياء , حتى نظرتهم لله عز و جل, محاولا كشف نواياهم الخبيثة التي يرمون من خلالها الى استفزاز مشاعر المسلمين الذين يقرون لله القداسة, و يقرون لكل الأنبياء التنزيه عن أي تهمة قد يلصقها هؤلاء المنصرون بأي واحد منهم سواء كان نبينا الكريم أو أي نبي جاء قبله و ذلك لأننا نؤمن بان رسالة كل الأنبياء واحدة كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد )) ( صحيح مسلم 4362) .
أخيرا و ليس آخرا, أدعوا الله العلي القدير أن يتقبل منا هذا العمل مخلصين له الدين و لو كره الكافرون, و أسأله عز شأنه أن يجعل كلامي هذا سببا لاستنهاض المسلمين للرد على كل من تسول له نفسه الدنيئة أن يتطاول على الله و رسله و أنبيائه. أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على أخوانه الأنبياء جميعا.
العبد الفقير الى الله:
نبيه بن رشيد الصباغ
الولايات المتحدة الأمريكية 19\01\2006